الأحد، 1 فبراير 2015

دليل العقل ( كل مخلوق لا بد له من خالق )

دليل العقل ( كل مخلوق لا بد له من خالق )
فلأن هذه المخلوقات : سابقها ولاحقها ،لابد لها من خالق أوجدها ،إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها ؛ولا يمكن أن توجد صدفة. لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها ؛ لأن الشيء لا يخلقُ نفسه ؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقًا ؟!ولا يمكن أن توجد صدفة ؛ لأن كل حادث لابد له من محدث ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع ،والتناسق المتآلف ،و الارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها ،وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنعُ منعًا باتًا أن يكون وجودها صدفة ،إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظمًا حـال بقائه وتطـوره ؟!,وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها ،ولا أن توجد صدفة ؛تعيَّن أن يكون لها موجد هو الله رب العالمين , وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي ، و البرهان القطعي ، حيث قال : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)[ سورة الطور : 35]. يعني : أنهم لم يُخْلَقُوا من غير خالق ، ولا هم الذين خلقُـوا أنفسهـم ؛ فتعين أن يكـون خالقـهم هو الله تبارك و تعالى ، ولهذا لما سمع جبير بن مطعم -رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السموات وَالأرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) [سورة الطور : 35-37].وكان جبير يومئذ مشركًا قال : (كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ). ( كتاب نبذة في العقيدة الاسلامية لابن عثيمين رحمه الله ) .
*وقيل لأعرابي من البادية : بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدلّ على المسير , والبعرة تدل على البعير , فسماء ذات أبراج , وأرض ذات فجاج , وبحار ذات أمواج , ألا تدل على السميع البصير. (كتاب شرح العقيدة الواسطية ) .



فأدل شئ على وجود الخالق جل وعلا وجود المخلوق .
وبهذا الدليل كان علماء الإسلام ولا يزالون يواجهون الجاحدين ، فهذا أحد العلماء يعرض له بعض الزنادقة المنكرين للخالق ، فيقول لهم : ما تقولون في رجل يقول لكم : رأيت سفينة مشحونة بالأحمال ، مملوءة من الأنفال ، قد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة ، ورياح مختلفة ، وهي من بينها تجري مستوية ، ليس لها ملاح يُجريها ، ولا متعهد يدفعها ، هل يجوز في العقل ؟ .

قالوا : هذا شيء لا يقبله العقل .فقال ذلك العالم : يا سبحان الله ، إذا لم يجز في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مجر ، فكيف يجوز قيام هذه الدّنيا على اختلاف أحوالها ، وتغيّر أعمالها ، وسعة أطرافها ، وتباين أكنافها من غير صانع ولا حافظ ؟! فبكوا جميعاً ، وقالوا : صدقت وتابوا .( كتاب العقيدة في الله ) .




ونختم بهذه المناظرة بين مؤمن فقيه وبين ملحد حائر : قال ذلك الملحد للمؤمن ما معناه : أنت تؤمن بوجود الله ؟ قال نعم ولا شك ولا ريب . قال : هل رأيته ؟ قال : لا . قال : هل سمعته ؟ قال : لا . قال : هل شممته أو لمسته ؟ قال : لا . قال : فكيف تؤمن به ؟ قال المؤمن الفقيه للملحد ما معناه : أنت عاقل ؟ قال : نعم . قال : هل رايت عقلك ؟ قال : لا . قال : هل سمعته ؟ قال : لا . قال : هل شممته أو لمسته ؟ قال : لا . قال : كيف تزعم أنك عاقل . ( فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ) .( كتاب الثمرات الزكية ) .